الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، أما بعد فيا عباد الله:
أرأيتم إلى جنودٍ ينتشرون في فلاةٍ واسعة الأرجاء، وينتثرون هنا وهناك في كل أطرافها وقد أنيطت بهم مهمة خطيرة، مما لا شك فيه أن نجاحهم في المهمة التي أنيطت بهم رهن بشبكة الاتصال بينهم وبين قائدهم الأعلى القابع في غرفة عملياته، فإن كانت شبكة الاتصال هذه موفورة وموجودة فإن ضمان نجاحهم في المهمة التي أنيطت بهم موجودٌ ومتحقق، وإلا فلا شك أن عاقبة أمرهم الخيبة بل ربما الهلاك، ونحن إنما نريد أن نتحدث هنا عن شبكة الاتصال التي ينبغي أن تكون سارية بين عباد الله عز وجل في الأرض ومولاهم وخالقهم الذي لا يحده زمان ولا مكان، إن وجدت هذه الشبكة، وتحققت الصلة من جرَّائها بين عباد الله عز وجل ومولاهم وخالقهم تحقق لهم النصر، وتحققت لهم السعادة، وأكرمهم الله عز وجل بالأمن والرخاء في عاجل دنياهم وآجل أخراهم، وأما إن انقطعت مما بينهم وبين الله هذه الشبكة فلا ريب أن مآلهم إلى الخسران.
ولكن ما هذه الشبكة يا عباد الله؟ إنها شيءٌ واحد، هو الصلاة التي كم وكم يُذَكِّرُنَا بها بيان الله سبحانه وتعالى في محكم تبيانه، وكم وكم يحدثنا عن خطورة هذه الشبكة ومدى أهميتها، وإنا لنقرأ جميعاً كتاب الله عز وجل، وتمر بنا الآيات الكثيرة التي ينبهنا الله عز وجل من خلالها إلى أهمية هذا الركن، بل أهمية هذه الشبكة التي تصل بين عباد الله عز وجل المتناثرين في الأرض وبين مولاهم وخالقهم جل جلاله، ألا يكفي من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}[النساء:4/103] ؟ أم ألا يكفي قول الله عز وجل: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:2/45] ؟ بل أما يكفي من ذلك كله قول الله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}[طـه:20/14]! أقم الصلاة لكي تكون فاتحةَ ذكرك لي، أقم الصلاة لكي تكون فاتحةَ ذكري لك، وأعتقد أننا لسنا بحاجة إلى أن نستعرض سائر الآيات المذكّرة بضرورة سريان هذه الشبكة بيننا وبين مولانا وخالقنا سبحانه وتعالى.
عباد الله، إن كنت أعجب لشيء فإنه ليشتد عجبي ممن يزعم أنه مؤمن بالله، ويزعم أنه معظم لله عز وجل وحرماته، وأنه محب لله سبحانه وتعالى، فإذا ذُكِّرَ بهذه الشبكة، شبكة الوصل بينه وبين الإله الذي يزعم أنه يحبه ويجله ويعظمه، إذا ذُكِّرَ بها أعرض عنها، بل أعرض عنها أيما إعراض، بل ربما دعا الآخرين أيضاً إلى أن يعرضوا عنها، يا عجباً.. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا، هو الذي يقول: "جُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة"، كيف يوجد مسلم مؤمن صادق في إيمانه بالله عز وجل، ثم تكون قرة عينيه في الابتعاد عن الصلاة، في الركون إلى ما يلهيه عن الصلاة؟!
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه لبلال مؤذنه رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، وننظر فنجد أن في المسلمين كثيرين إذا دُعُوا إلى الصلاة شعروا بالتعب والجهد، ومن ثَمَّ يفرون من الصلاة إلى الراحة التي يتصورونها الراحة.
هذا ما أعجب له - يا عباد الله- كيف أكون محباً لمولاي وخالقي ويدعوني مولاي هذا إلى حضوره، إلى حضرته، إلى محاورته ثم لا أستجيب؟ يدعوني الله سبحانه وتعالى إلى حضوره حباً بي، إكراماً لي، عندما أكون متمتعاً بِذَرَّةٍ من الحب لهذا المولى ينبغي أن أقول بكل مشاعري، بكل عواطفي: لبيك يا مولاي، كم أنت حفي بي إذ لم تحجبني عنك وإذ دعوتني إلى الوقوف بين يديك، كم هي سعيدة تلك اللحظة بل كم هي باعثة للنشوة تلك الدقائق التي أقف فيها بين يدي الله عز وجل أخاطبه قائلاً: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:1/5] ، أدعوه قائلاً: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:1/6] ويأتي الجواب وإن لم أسمعه بإذني، يأتيني الجواب من مولاي وخالقي: حباً وكرامة، سأعينك على ما قد عزمت عليه من التوجه إلي بالعبادة، سأهديك إلى سواء صراطي المستقيم، ولسوف أسعدك عن طريق الالتزام بهذه الصراط في دنياك التي تتقلب فيها، وفي الغد الذي أنت ستقبل إليه. كيف يدعوني الخالق إلى رحابه ثم أعرض عنه، ثم أبتعد عن هذه الدعوة وأنا أزعم أنني مؤمن به، أزعم أنني معتز بإسلامي؟ هذا شيءٌ عجيب يا عباد الله.
شيءٌ آخر ينبغي أن نتذكره جميعاً، إذا قام الناس غداً لرب العالمين ما إجازة المرور التي تجعل من موقف الحساب أمراً سهلاً ليِّنَاً بين يدي الله؟ إجازة مرورك هذه الصلاة، ما الإجازة؟ إجازة المرور التي تجعلك تسير على صراط الله عز وجل كالبرق الخاطف آمناً مطمئناً لا تخشى لهب النيران المتصاعد من حولك؟ إنها الصلاة، ما السيما التي تجعلك أمام الله سبحانه وتعالى ذا حقيقة لا ريب فيها، هي أنك عبد من عباد الله الطائعين له، هي أنك عشت حياتك في الدنيا وأنت متجه إلى الله بذل العبودية له؟ ما السيما التي تبرز هويتك هذه غداً عندما يدعى الإنسان إلى السجود فلا يتأتي له {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:68/43] ؟ ما السيما التي تبرز هويتك أنك كنت في دار الدنيا ذاك الذي يقف بين يدي الله راكعاً ساجداً ملتجئاً مصلياً متعبداً؟ إنها الصلاة، إنها الصلاة يا عباد الله، ألم تقرؤوا قول الله سبحانه وتعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}[الفتح:48/29]؟ قال العلماء: هذه السيما تكون يوم القيامة، بمقدار ما يكون العبد منتشياً في سجوده على الأرض المتربة لله سبحانه وتعالى يناجيه دون أن يراه، يحن إلى مولاه وهو محجوب عنه، تكون هذه السيما متلألئة على وجهه يوم القيامة، تكون هذه السيما هي عنوان مغفرة الله سبحانه وتعالى له مهما كان مقصراً، ألم تسمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، وهو يؤكد أنه سيستقبل إخوانه الذين لم يرهم يوم القيامة على الحوض، قيل له: أو تعرفهم يا رسول الله؟ لم ترهم كيف تعرفهم؟ قال: :أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرٌّ محجلة وسَطَ خيول دهم بهم أفكان يعرفها؟" قالوا: نعم. قال: "فأنا أعرفهم غُرَّاً محجلين من آثار الوضوء"، هذا الوضوء الذي هو التمهيد إلى الصلاة، هذا الوضوء الذي هو التهيؤ للوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى.
أعود فأقول: يا عجباً لمن يزعم أنه مسلم حقاً، وأنه مؤمن بالله حقاً، وأنه محبٌّ لله، معظم لله كيف يفر من دعوة الله له إلى رحابه؟ كيف يفر من إكرام الله له إذ يدعوه إلى الوقوف بين يديه، يقول له: تعالى ناجني، كلمني أكلمك، أذكرني أذكرك.
عباد الله، هذه الشبكة حافظوا عليها، إن تمت المحافظة التامة عليها فاعلموا أننا أمة منتصرة، فاعلموا أننا أمة يكرمها الله بجمع الشمل، فاعلموا أننا أمة يكرمها الله بالقوة والغلبة، شكبة الاتصال هي الصلاة، ينبغي ألا تُحْرَمَ منها مؤسسة، ينبغي ألا تحرم منها دائرة مدنية أو غير مدينة أو عسكرية، صلة ما بيننا وبين الله هي الصلاة، صلة القربى التي نأمل أن تكون شفيعاً لنا ونحن مقصرون، آثامنا كثيرة، صلة القربى التي نأمل أن تكون شفيعاً لنا بين يدي الله عز وجل هي هذه الصلاة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
أرأيتم إلى جنودٍ ينتشرون في فلاةٍ واسعة الأرجاء، وينتثرون هنا وهناك في كل أطرافها وقد أنيطت بهم مهمة خطيرة، مما لا شك فيه أن نجاحهم في المهمة التي أنيطت بهم رهن بشبكة الاتصال بينهم وبين قائدهم الأعلى القابع في غرفة عملياته، فإن كانت شبكة الاتصال هذه موفورة وموجودة فإن ضمان نجاحهم في المهمة التي أنيطت بهم موجودٌ ومتحقق، وإلا فلا شك أن عاقبة أمرهم الخيبة بل ربما الهلاك، ونحن إنما نريد أن نتحدث هنا عن شبكة الاتصال التي ينبغي أن تكون سارية بين عباد الله عز وجل في الأرض ومولاهم وخالقهم الذي لا يحده زمان ولا مكان، إن وجدت هذه الشبكة، وتحققت الصلة من جرَّائها بين عباد الله عز وجل ومولاهم وخالقهم تحقق لهم النصر، وتحققت لهم السعادة، وأكرمهم الله عز وجل بالأمن والرخاء في عاجل دنياهم وآجل أخراهم، وأما إن انقطعت مما بينهم وبين الله هذه الشبكة فلا ريب أن مآلهم إلى الخسران.
ولكن ما هذه الشبكة يا عباد الله؟ إنها شيءٌ واحد، هو الصلاة التي كم وكم يُذَكِّرُنَا بها بيان الله سبحانه وتعالى في محكم تبيانه، وكم وكم يحدثنا عن خطورة هذه الشبكة ومدى أهميتها، وإنا لنقرأ جميعاً كتاب الله عز وجل، وتمر بنا الآيات الكثيرة التي ينبهنا الله عز وجل من خلالها إلى أهمية هذا الركن، بل أهمية هذه الشبكة التي تصل بين عباد الله عز وجل المتناثرين في الأرض وبين مولاهم وخالقهم جل جلاله، ألا يكفي من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}[النساء:4/103] ؟ أم ألا يكفي قول الله عز وجل: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:2/45] ؟ بل أما يكفي من ذلك كله قول الله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}[طـه:20/14]! أقم الصلاة لكي تكون فاتحةَ ذكرك لي، أقم الصلاة لكي تكون فاتحةَ ذكري لك، وأعتقد أننا لسنا بحاجة إلى أن نستعرض سائر الآيات المذكّرة بضرورة سريان هذه الشبكة بيننا وبين مولانا وخالقنا سبحانه وتعالى.
عباد الله، إن كنت أعجب لشيء فإنه ليشتد عجبي ممن يزعم أنه مؤمن بالله، ويزعم أنه معظم لله عز وجل وحرماته، وأنه محب لله سبحانه وتعالى، فإذا ذُكِّرَ بهذه الشبكة، شبكة الوصل بينه وبين الإله الذي يزعم أنه يحبه ويجله ويعظمه، إذا ذُكِّرَ بها أعرض عنها، بل أعرض عنها أيما إعراض، بل ربما دعا الآخرين أيضاً إلى أن يعرضوا عنها، يا عجباً.. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا، هو الذي يقول: "جُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة"، كيف يوجد مسلم مؤمن صادق في إيمانه بالله عز وجل، ثم تكون قرة عينيه في الابتعاد عن الصلاة، في الركون إلى ما يلهيه عن الصلاة؟!
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه لبلال مؤذنه رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، وننظر فنجد أن في المسلمين كثيرين إذا دُعُوا إلى الصلاة شعروا بالتعب والجهد، ومن ثَمَّ يفرون من الصلاة إلى الراحة التي يتصورونها الراحة.
هذا ما أعجب له - يا عباد الله- كيف أكون محباً لمولاي وخالقي ويدعوني مولاي هذا إلى حضوره، إلى حضرته، إلى محاورته ثم لا أستجيب؟ يدعوني الله سبحانه وتعالى إلى حضوره حباً بي، إكراماً لي، عندما أكون متمتعاً بِذَرَّةٍ من الحب لهذا المولى ينبغي أن أقول بكل مشاعري، بكل عواطفي: لبيك يا مولاي، كم أنت حفي بي إذ لم تحجبني عنك وإذ دعوتني إلى الوقوف بين يديك، كم هي سعيدة تلك اللحظة بل كم هي باعثة للنشوة تلك الدقائق التي أقف فيها بين يدي الله عز وجل أخاطبه قائلاً: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:1/5] ، أدعوه قائلاً: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:1/6] ويأتي الجواب وإن لم أسمعه بإذني، يأتيني الجواب من مولاي وخالقي: حباً وكرامة، سأعينك على ما قد عزمت عليه من التوجه إلي بالعبادة، سأهديك إلى سواء صراطي المستقيم، ولسوف أسعدك عن طريق الالتزام بهذه الصراط في دنياك التي تتقلب فيها، وفي الغد الذي أنت ستقبل إليه. كيف يدعوني الخالق إلى رحابه ثم أعرض عنه، ثم أبتعد عن هذه الدعوة وأنا أزعم أنني مؤمن به، أزعم أنني معتز بإسلامي؟ هذا شيءٌ عجيب يا عباد الله.
شيءٌ آخر ينبغي أن نتذكره جميعاً، إذا قام الناس غداً لرب العالمين ما إجازة المرور التي تجعل من موقف الحساب أمراً سهلاً ليِّنَاً بين يدي الله؟ إجازة مرورك هذه الصلاة، ما الإجازة؟ إجازة المرور التي تجعلك تسير على صراط الله عز وجل كالبرق الخاطف آمناً مطمئناً لا تخشى لهب النيران المتصاعد من حولك؟ إنها الصلاة، ما السيما التي تجعلك أمام الله سبحانه وتعالى ذا حقيقة لا ريب فيها، هي أنك عبد من عباد الله الطائعين له، هي أنك عشت حياتك في الدنيا وأنت متجه إلى الله بذل العبودية له؟ ما السيما التي تبرز هويتك هذه غداً عندما يدعى الإنسان إلى السجود فلا يتأتي له {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:68/43] ؟ ما السيما التي تبرز هويتك أنك كنت في دار الدنيا ذاك الذي يقف بين يدي الله راكعاً ساجداً ملتجئاً مصلياً متعبداً؟ إنها الصلاة، إنها الصلاة يا عباد الله، ألم تقرؤوا قول الله سبحانه وتعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}[الفتح:48/29]؟ قال العلماء: هذه السيما تكون يوم القيامة، بمقدار ما يكون العبد منتشياً في سجوده على الأرض المتربة لله سبحانه وتعالى يناجيه دون أن يراه، يحن إلى مولاه وهو محجوب عنه، تكون هذه السيما متلألئة على وجهه يوم القيامة، تكون هذه السيما هي عنوان مغفرة الله سبحانه وتعالى له مهما كان مقصراً، ألم تسمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، وهو يؤكد أنه سيستقبل إخوانه الذين لم يرهم يوم القيامة على الحوض، قيل له: أو تعرفهم يا رسول الله؟ لم ترهم كيف تعرفهم؟ قال: :أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرٌّ محجلة وسَطَ خيول دهم بهم أفكان يعرفها؟" قالوا: نعم. قال: "فأنا أعرفهم غُرَّاً محجلين من آثار الوضوء"، هذا الوضوء الذي هو التمهيد إلى الصلاة، هذا الوضوء الذي هو التهيؤ للوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى.
أعود فأقول: يا عجباً لمن يزعم أنه مسلم حقاً، وأنه مؤمن بالله حقاً، وأنه محبٌّ لله، معظم لله كيف يفر من دعوة الله له إلى رحابه؟ كيف يفر من إكرام الله له إذ يدعوه إلى الوقوف بين يديه، يقول له: تعالى ناجني، كلمني أكلمك، أذكرني أذكرك.
عباد الله، هذه الشبكة حافظوا عليها، إن تمت المحافظة التامة عليها فاعلموا أننا أمة منتصرة، فاعلموا أننا أمة يكرمها الله بجمع الشمل، فاعلموا أننا أمة يكرمها الله بالقوة والغلبة، شكبة الاتصال هي الصلاة، ينبغي ألا تُحْرَمَ منها مؤسسة، ينبغي ألا تحرم منها دائرة مدنية أو غير مدينة أو عسكرية، صلة ما بيننا وبين الله هي الصلاة، صلة القربى التي نأمل أن تكون شفيعاً لنا ونحن مقصرون، آثامنا كثيرة، صلة القربى التي نأمل أن تكون شفيعاً لنا بين يدي الله عز وجل هي هذه الصلاة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.