<TABLE style="BORDER-RIGHT: 3px dashed; PADDING-RIGHT: 0px; BORDER-TOP: 3px dashed; PADDING-LEFT: 0px; PADDING-BOTTOM: 0px; BORDER-LEFT: 3px dashed; PADDING-TOP: 0px; BORDER-BOTTOM: 3px dashed; BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#ff0009 cellSpacing=0 width="70%" border=1> <TR> <td>إذا تأملنا القرآن الكريم، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، في الدعوة، نصل إلى حقيقة واضحة كل الوضوح وهي: * أن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة التوحيد، توحيد الإلهية والربوبية والأسماء والصفات، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده لا شريك له، وتثبيت أصول الاعتقاد ( الإيمان والإسلام ). * أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قضى غالب وقته ـ بعد النبوة ـ في تقرير الاعتقاد والدعوة إلى توحيد الله تعالى بالعبادة والطاعة، وهذا هو مقتضى (لا إله إلا الله محمد رسول الله). فالدعوة إلى العقيدة تأصيلا وتصحيحا شملت الجزء الأكبر من جهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقته في عهد النبوة. وإليك بيان ذلك: 1/ أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قضى ثلاثاً وعشرين سنة في الدعوة إلى الله ـ في عهد النبـوة ـ منها ثلاثة عشرة سنة في مكة، جلها كانت في الدعوة إلى تحقيق ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) أي الدعوة إلى توحيد الله تعالى بالعبادة والإلهية وحده لا شريك له، ونبذ الشرك وعبادة الأوثان وسائر الوسطاء، ونبذ البدع والمعتقدات الفاسدة. ومنها عشر سنين في المدينة، وكانت موزعة بين تشريع الأحكام، وتثبيت العقيدة، والحفاظ عليها، وحمايتها من الشبهات، والجهاد في سبيلها، أي أن أغلبها في تقرير عقيدة التوحيد وأصول الدين، ومن ذلك مجادلة أهل الكتاب، وبيان بطلان معتقداتهم المحرفة. والتصدي لشبهاتهم وشبهات المنافقين، وصد كيدهم للإسلام والمسلمين، وكل هذا في حماية العقيدة قبل كل شيء. فأي دعوة لا تولي أمر العقيدة من الاهتمام كما أولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ علماً وعملاً ـ فهي ناقصة. 2/ إن الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما قاتل الناس على العقيدة (عقيدة التوحيد) حتى يكون الدين لله وحده، تلك العقيدة المتمثلة في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمـداً رسول الله، على الرغم أن سائر المفاسد والشرور كانت سائدة في ذلك الوقت، ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل الغاية من قتال الناس تحقيق التوحيد، وأركان الإسلام، فقد قال صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحين وغيرهما ـ: (أمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ). وهذا لا يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبال بالأمور الأخرى، من الدعوة إلى الفضائل والأخلاق الحميدة، من ( البر والصلة والصدق والوفاء والأمانة ). وترك ضدها من ( الآثام والكبائر كالربا والزنا والظلم وقطيعة الرحم). وحاشاه ذلك، لكنه جعلها في مرتبة بعد أصول الاعتقاد، لأنه يعلم وهو القدوة، صلى الله عليه وسلم، أن الناس إذا استقاموا على دين الله وأخلصوا له الطاعة والعبادة، حسنت نيتهم وأعمالهم، وفعلوا الخيرات واجتنبوا المنهيات بالجملة، وأمروا بالمعروف حتى يسود بينهم ويظهر، ونهوا عن المنكر حتى لا يظهر ولا يسود. إذن فمدار الخير على صلاح العقيدة، فإذا صلحت استقام الناس، على الحق والخير، وإذا فسدت فسدت أحوال الناس، واستحكمت فيهم الأهواء والآثام، وسهلت عليهم المنكرات، وإلى هذا يشير الحديث الذي أخرجه الشيخان، وابن ماجه، والدارمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( ..أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ). فالرسول صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى كونه دعا إلى إخلاص الدين لله، وقاتل الناس حتى يشهدوا بكلمة الإخلاص، فإنه صلى الله عليه وسلم، كان يدعو إلى جميع الأخلاق الفاضلة، جملةً وتفصيلا، وينهى عن ضدها، جملةً وتفصيلا. وكما اهتم صلى الله عليه وسلم بإصلاح الدين، كان يعمل على إصلاح دنيا الناس، إنما كان ذلك كله في مرتبة دون الاهتمام بأمر التوحيد وإخلاص الدين لله وحده، وهذا ما يجهله أو يتجاهله المنازع في هذه المسألة. 3/ فإذا تأملنا القرآن الكريم، المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين ومنهاجاً للمسلمين إلى يوم الدين، وجدنا أن أغلبه في تقرير العقيدة وتقرير أصولها، وتحرير العبادة والطاعة لله وحده لا شريك له، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أول شيء نزل في القرآن وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يفعله هو أن يكبر الله ـ تعالى ـ ويعظمه وحده، وأن ينذر الناس من الشرك، وأن يتطهر من الآثام والذنوب وغيرها، ويهجر ما هم عليه من عبادة الأصنام، ويصبر على ذلك كله. قال تعالى في سورة المدثر: ( يا أيها الْمُدَّثِّرُ(1)قُمْ فَأَنذِرْ(2)وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3)وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ(6)وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ(7). ثم استمر القرآن الكريم، يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائر العهد المكي، لتثبيت العقيدة وتقريرها، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. لذلك نجد أن أغلب آيات القرآن الكريم في العقيدة: إما بصريح العبارة، وإما بالإشارة، حيث أن معظم القرآن جاء في تقرير توحيد الإلهية وإخلاص العبادة لله وحده، وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، وأصول الإيمان والإسلام، وأمور الغيب والقدر خيره وشره، واليوم الآخر، والجنة وأهلها ونعيمها، والنار وأهلها وعذابها، ( الوعد والوعيد)، وأصول العقيدة تدور على هذه الأمور. وقد ذكر العلماء ومنهم: ابن تيمية وابن حجر العسقلاني رحمهما الله، أن القرآن: ثلث أحكام، وثلث أخبار، وثلث توحيد، وهذا ما فسروا به قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) متفق عليه. فإن (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) اشتملت على أعظم التوحيد والتنزيه لله تعالى. وآيات الأحكام لا تخلوا من ذكر للعقيدة وأصول الدين، وذلك من خلال ذكر أسماء الله وصفاته، وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذكر حكم التشريع....ونحو ذلك. وكذلك آيات الأخبار والقصص أغلبها في الإيمان والاعتقاد، وذلك من خلال أخبار المغيبات والوعيد واليوم الآخر ونحو ذلك. وبهذا يتحقق القول: بأن القرآن الكريم وهو الهادي إلى التي هي أقوم إلى يوم القيامة، غالب آياته في تقرير العقيدة والدعوة إليها والدفاع عنها والجهاد في سبيلها. وبهذا نصل إلى نتيجة بينة هي: أنه على الدعاة الذين جعلوا القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هديهم، أن يدركوا هذه الحقيقة من القرآن والسنة، ويعملوا بها، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، والله الهادي إلى سواء السبيل.</TD></TR></TABLE> |
انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل